Arabic    

مأساة نيوبي من كتاب التحولات لأوفيد


2018-08-19
اعرض في فيس بوك
التصنيف : أساطير

 
مأساة نيوبي من كتاب التحولات لأوفيد
#محمد_أحمد_السويدي_أساطير
نيوبي هي ابنة تانتالوس ملك فريجيا وأخت بيلوبس ملك البيلوبونيز، وزوجة أمفيون الطيبي، تقول الأسطورك أنه كان لدى نيوبي سبعة أبناء وسبع بنات وكانت تفخر بجمالهم وسخرت من ليتو لأن لديها ابنا واحدا هو أبولو وابنة واحدة هي آرتميس، فقرروا الانتقام من نيوبي بقتل أبناءها (قتل أبولو الأبناء وقتلت أرتميس البنات) وظلت جثثهم غير مدفونة لتسعة أيام.
عادت نيوبي إلى وطنها وظلت تبكى حتى حولتها ليتو إلى حجر حيث تبكي على خسارتها للأبد. 
تحدث عنها هوميروس في الإلياذة وكذلك أبولودوروس وأوفيد.
 
لأصحاب الذائقة الرفيعة والمهتمين بذلك النوع من الآداب والفنون ولمن لديهم الشغف شاهدوا الفيديو وانتقلوا عبر الرابط التالي إلى التمتع بقراءة قصيدة أوفيد والتي تحكي هذه الأسطورة بأسلوب يحاكي السينما الحديثة
جاء في كتاب التحوّلات لأوفيد:
ها هي نيوبي تتقدّم،
يحيط بها موكبٌ حاشدٌ،
تلبس ثوباً فريجيّاً بديعاً،
مُقصَّباً بالذهب.
توقَّفت، جميلةً بقدر ما يسمح الغضب،
وهزّت بحركةٍ من رأسها الملكيّ
شعرها الذي يتموَّج على كتفيها،
ثم أدارت حولها، بشموخٍ، نظراتٍ بهيّةً، وقالت:
"ما هذا الجنون الذي يجعلكم تفضّلون آلهةً بالسّماع..
تابعوا القراء من خلال الرابط التالي على منصتنا في جوجل بلس
 
 
 
مأساة نيوبي 
من كتاب التحوّلات لأوفيد
 
ها هي نيوبي تتقدّم،
يحيط بها موكبٌ حاشدٌ،
تلبس ثوباً فريجيّاً بديعاً،
مُقصَّباً بالذهب.
توقَّفت، جميلةً بقدر ما يسمح الغضب،
وهزّت بحركةٍ من رأسها الملكيّ
شعرها الذي يتموَّج على كتفيها،
ثم أدارت حولها، بشموخٍ، نظراتٍ بهيّةً، وقالت:
"ما هذا الجنون الذي يجعلكم تفضّلون آلهةً بالسّماع، 
على آلهةٍ ترونهم ?
ولماذا تنذر الهياكل لعبادة لاتونا (Latone),
بينما لم يقدّم بعد البخور لإلهتي ?
أبي، أنا هو تانتالوس (Tantalus), 
الذي أُذن له وحده أن يجلسَ إلى مائدة الآلهة.
كانت منفيّةً من العالم، عندما رأتها ديلوس
وقالت مُشفقةً على هذه المتشرِّدة:
"نحن الاثنتان نتشرَّد غريبتين، ـ
أنتِ في الأرض،
وأنا بين الأمواج." 6 
ثم أعطتها مأوى متحرّكاً.
صارت لاتونا أمّاً لطفلين.
وهذا أقلّ سبع مرّاتٍ ممن حملتهم أحشائي.
إنني سعيدة، فمن يستطيع إنكار ذلك ?
وسوف أبقى سعيدة.
من يقدر كذلك أن يشكّ ?
تمنحني الطّمأنينة وفرة خيراتي.
فأنا من العظمةِ بحيث لا تقدر ربّة الحظّ أن تؤذيني،
وحتى لو انتزعت مني قسماً كبيراً من فضلها،
فسوف تترك لي ما هو أعظم.
فما أملكه اليوم، يُبقيني عاليةً،
أعلى من كلِّ خوف.
افترضْنَ أنّ قسماً من أبنائي انتزع منّي،
فإنّ هذه الخسارة لن تقلّصني في اثنين،
كما هي حال لاتونا.
أهناك فرقٌ كبيرٌ بينها وبين امرأةٍ لا أولادَ لها ?
لا تُكملنَ هذه التَّضحية،
ابتعدنَ بسرعةٍ، وانزعْنَ أوراقَ الغار
التي تزيّن شعوركنَّ."
 
6 منعت جونون، غيرةً، الأرضَ كلّها من أن تستقبل لاتونا، لكي تضع جنينها. وأشفقت عليها ديلوس، التي كانت حتى ذلك الوقت جزيرة عائمة. وهذه الجزيرة التي كانت تُسمّى فريجيا، ثُبِّتت في قرارة البحر، بوساطة أعمدة.
 
نزعت نساء طيبةَ أوراق الغار،
وتركنَ التَّضحيةَ دون أن تكتمل.
كلّ ما قدرنَ أن يفعلنه،
هو أن يوشوشنَ بصوتٍ خافتٍ 
صلواتهنَّ إلى الإلهة.
غضبت الإلهة من على ذروة كينثوس (Cynthus),
وجَّهت هذه الكلمات إلى ولديها الإثنين:
"هي ذي أنا أمُّكما،
الفخورة بأنني ولدتكما،
أنا التي لا تخضع إلاّ لجونون، بين جميع الإلهات،
أرى أنّ ألوهيّتي توضعُ موضعَ الشَّك،
وأنني أطرَدُ، يا ولديَّ، إن لم تُنجداني
من هياكل كنت فيها مَعبودةً في العصور كلّها.
ولا ينحصر ألمي في هذا وحده،
فقد أضافت ابنة تانتالوس إلى هذا التَّجديف، 
الشَّتيمة.
لقد تجرّأت أن تنتقص منكما، أنتما،
وتضعكما في مرتبةٍ أدنى من أولادها،
وقالت عنّي (لعلّ ما قالته يرتدُّ عليها!)
إنني أمٌّ بدون أولاد.
لقد بدا لسانها الفاسق جديراً بلسان أبيها." 7 
وهمَّت لاتونا أن تضيفَ صلواتٍ إلى ما روته،
فقال فيبوس:
"يكفي.
الشّكوى الطّويلة تؤخِّرُ العقابَ."
 
7 حُكمَ تانتالوس بعذابٍ أبديّ لأنّه حنث بيمينه.
 
وقال فيبي (Phébé) الكلامَ نفسه.
وانطلق الاثنان بطيرانٍ سريعٍ عِبرَ الفضاء،
وهبطا، مُختبئين في غيمةٍ، 
على قلعة قدموس.
قربَ الأسوار،
كان يمتدُّ بعيداً سهلٌ واسعٌ
ترتاده الخيولُ باستمرار،
صار ترابه ليّناً من كثرة العجلات،
ومن السّنابك الصُّلبة.
هناك، بين أبناء آمفيون السّبعة،
كان بعضهم يمتطي أحصنة سباقٍ قويّةً،
يشدّون على جُنوبها ـ المغطّاةِ بأرجوان صور،
ويسوسونها بأعنَّةٍ مُثقلةٍ بالذهب.
كان أحدهم، إيسمينوس (Isménus),
بكرُ أمّه،
يُحرِّكُ في ميدان السّباق الدائريّ،
حصاناً يسيطر على شدقه المزبد،
عندما صرخ:
"لقد قُضيَ عليّ!"
فقد استقرّ سهمٌ في وسط صدره.
تركت يده المُحتضرة الأعنَّة
وانزلق ببطءٍ، جانبيّاً، على الكتفِ اليُمنى من حصانه.
سمع سيبّيلوس (Sipylus), الذي كان إلى جانبه
أصواتَ كنانةٍ في الفضاء،
فترك الأعنة هارباً،
كما يفعل ربّانٌ أحسّ باقتراب العاصفة
عندما يرى غيمةً،
فينشر من جميع الجهات أشرعته المطويّة،
لكي لا يترك أيّة نسمةٍ خفيفةٍ تضيعُ منه.
وعبثاً ترك الأعنّةَ،
فقد طارده السّهم المحتوم
ونفذ وهو يرتجّ، في أعلى عنقه،
وخرج رأسه المعدني ظاهراً من الجهة الثانية.
تدحرج على عنق الحصان وقائمتيه
وهو ينطلق بسرعته كلّها،
ولطّخ الأرضَ بدمه الذي كان لا يزال حارّاً.
وبعد أن كان التاعس الحظّ فيديموس (Phédimus) 
وأخوه تانتالوس وريث اسم جدَّيهما، قد أنهيا عملهما المعتاد،
وعادا، يلمعان من الزّيت، بفعل التمارين الرّياضيّة
التي تجمع الشبّان في الميدان الرّياضيّ،
وكانا متعانقين بشدّة،
عندما اخترقهما سهمٌ، أطلقه وترٌ مشدودٌ،
في الوضعيّة التي كانا عليها،
متصلين الواحد بالآخر،
فكافحا صدراً إلى صدر،
انتحبا معاً،
ومعاً انحنيا من الوجع،
وانهارا على الأرض.
معاً، ممدّدين على التراب،
وجّها إلى السماء نظراتهما الأخيرة،
ومعاً، لفظا أنفاسهما الأخيرة.
مزّق ألفينور (Alphénor) صدرَه بضرباتٍ قويّة
عندما شاهد ذلك،
وسارع لكي يرفع بين ذراعيه
أعضاءهما المتثلّجة،
فسقط وهو يقوم بهذا الواجب الوَرع.
فقد اخترق إله ديلوس بسهمٍ قاتلٍ
صدرَه، من جهةٍ إلى أخرى.
انتزع الشابّ السّهمَ،
غير أنّ جزءاً من رئتيه خرجَ مع نصلهِ
وهربَ دمه في الهواء، لحظة هربت حياته.
ولم يمت داماسيكتون (Damasichthon) ،
ذو الشعر الطّويل، من جرحٍ واحدٍ،
فقد أصيبَ أوّلاً حيث تبدأ السّاق،
وحيث يشكّل باطن الرّكبة السّريع الانفعال 
مفصلاً ليّناً.
ثمّ، فيما كانت يده تحاول أن تنتزع السّهمَ المشؤوم،
غاصَ سهمٌ آخر حتى الرّيش، في عنقه.
دفعه الدّم إلى الخارج،
فقد انبجس عالياً جدّاً،
وبدفقةٍ مفاجئةٍ، اخترقَ الفضاء بعيداً.
أما الأخير إليونوس (Ilioneus) 
فقد رفع عبثاً ذراعيه المتوسّلتين
نحو السماء، قائلاً:
"أيّتها الآلهة،
أنتم جميعاً، بقدر ما تُعَدّون
(جاهلاً أنّه لا يجوز التوسّل إليهم جميعاً)،
أنقذوني."
وقد أثر في رامي السّهام الإلهيّ،
عندما لم يعد ممكناً ردّ السهم
لكن، على الأقلّ، كان الجرح الذي رزح تحته،
خفيفاً،
ولم ينفذ عميقاً في قلبه.
أنبأ الأمّ بهذه الكارثة المفاجئة،
ذيوعُ الخبر، وألمُ الشعب، وبكاء الأقرباء.
أذهلها أن يكون الآلهة قاموا بها،
وغضبت لأنهم تجرّأوا على ذلك،
ولأنّ حقوقهم تبلغ هذا الحدّ.
أما آمفيون فقد غرز خنجراً في صدره،
واضعاً بضربةٍ واحدةٍ،
حدّاً لآلامه ولحياته.
واأسفاه، كم تختلف، نيوبي، الآن
عن نيوبي تلك التي أبعدت الشعب، منذ قليلٍ،
عن معابد لاتونا،
والتي كانت تتقدّم في المدينة متغطرسةً.
كانت آنذاك موضوعَ غيرةٍ عند أقربائها،
وهي الآن موضوعَ شفقةٍ حتى عند أعدائها.
أخذت، منحنيةً على أجسامِ أبنائها الهامدة،
توزّع، بلا تبصُّرٍ، على جميع أبنائها
قبلاتِها الأخيرة.
ثمّ أبعدت عنهم ذراعيها الكابيتين، 
رافعةً إيّاهما نحو السّماء، صارخةً:
"تغذّي، يا لاتونا القاسية،
من ألمي، تغذي،
إروي غليلَ قلبكِ من دموعي،
إروي قلبكِ المتوحّش.
ومع هذه المآتم السبعة 
أموت في المحرقة سبع مرات.
استمتعي بانتصاركِ،
انتصري، يا عدوّتي.
لكن، أين هذا النصر ?
حتى في شقائي، ما أزال أغنى منكِ، في سعادتكِ،
حتى بعد هذه الخسارة الكبيرة،
لا يزال النصر إلى جانبي."
سُمعَ في أثناء كلامها دويُّ وترٍ يُشدُّ في القوس،
وحدها نيوبي، من بين الجميع، لم ترتجف أبداً،
فالشّقاء زادها شجاعةً.
كانت تقف أمام أسرَّة الإخوة السّبعة
أخواتهم، بثيابٍ سوداء، وشعرٍ مُشعّثٍ.
أرادت إحداهنَّ أن تنتزعَ السهمَ المُستقرّ في صدرها
فانهارتْ، ميّتةً، منحنيةَ الوجهِ على أخيها.
وحاولت أخرى أن تعزّي أمّها التاعسة،
فأضاعت فجأة الكلامَ وسقطتْ تحت ضربةٍ
طوتها اثنتين على نفسها.
وهذه التي كانت تحاول عبثاً أن تهربَ
انهارت على الأرض.
وتلك تحتضر فوق جسم أختها،
وأخرى تختبئ،
وترى أخرى تتحرّك مرتجفةً.
كانت سِتٌّ منهنَّ قد مُتنَ بجراحٍ مختلفة 
ولم يكن بقي منهنّ إلاّ واحدة.
غطّتها أمّها بكامل جسمها، وكامل ثيابها، صارخةً:
"اتركي واحدة، الصّغرى بينهنّ،
لا أطلب إلاّ الصّغرى، إلاّ واحدة."
وفيما كانت تتوسّل،
ماتت هذه التي تتوسّل من أجلها.
وإذ فقدت عائلتها جميعاً ـ أبناءها وبناتِها، وزوجَها،
سقطت جالسةً بين أجسامهم الهامدة،
يُجمّدها العذاب.
لم تعد الرّيح تحرّك شعرها،
لم يعد الدّم يلوّن وجهها.
وجمدت عيناها وسط وجهها المُقْفر،
فلم يعد في قسماتها أيّ أثرٍ للحياة.
تجمّد لسانها نفسه داخل حنَكِها المُتجمّد،
وتوقَّفت في عروقها كلّ حركة.
لم يعد في إمكان عنقها أن يميل،
ولم تعد ذراعاها تقومان بأيّة حركة،
ولم تعد تستطيع قدماها أن تتقدّما.
لم تعد إلاّ حجراً حتى في أحشائها.
مع ذلك ظلّت تبكي،
أخذتها إلى وطنها، ريحٌ عاصفةٌ
حاجبةً إيّاها بزوبعة.
هناك، وقد وُضِعت في ذروة جبلٍ،
تذوبُ ماءً،
واليوم لا تزال هذه الكتلة من الرّخام، 8 
تذرف الدّموع.
 
8 في ليديا صخرة ينبجس منها نبعٌ، كان يُسمّى نيوبي. فقد نقلت نيوبي من طيبة إلى ليديا، قمّة سيبيليوس، حيث كان أبوها ملكاً.

 

  مأساة نيوبي من كتاب التحولات لأوفيد #محمد_أحمد_السويدي_أساطير نيوبي هي ابنة تانتالوس ملك فريجيا وأخت بيلوبس ملك البيلوبونيز، وزوجة أمفيون الطيبي، تقول الأسطورك أنه كان لدى نيوبي سبعة أبناء وسبع بنات وكانت تفخر بجمالهم وسخرت من ليتو لأن لديها ابنا واحدا هو أبولو وابنة واحدة هي آرتميس، فقرروا الانتقام من نيوبي بقتل أبناءها (قتل أبولو الأبناء وقتلت أرتميس البنات) وظلت جثثهم غير مدفونة لتسعة أيام. عادت نيوبي إلى وطنها وظلت تبكى حتى حولتها ليتو إلى حجر حيث تبكي على خسارتها للأبد.  تحدث عنها هوميروس في الإلياذة وكذلك أبولودوروس وأوفيد.   لأصحاب الذائقة الرفيعة والمهتمين بذلك النوع من الآداب والفنون ولمن لديهم الشغف شاهدوا الفيديو وانتقلوا عبر الرابط التالي إلى التمتع بقراءة قصيدة أوفيد والتي تحكي هذه الأسطورة بأسلوب يحاكي السينما الحديثة جاء في كتاب التحوّلات لأوفيد: ها هي نيوبي تتقدّم، يحيط بها موكبٌ حاشدٌ، تلبس ثوباً فريجيّاً بديعاً، مُقصَّباً بالذهب. توقَّفت، جميلةً بقدر ما يسمح الغضب، وهزّت بحركةٍ من رأسها الملكيّ شعرها الذي يتموَّج على كتفيها، ثم أدارت حولها، بشموخٍ، نظراتٍ بهيّةً، وقالت: "ما هذا الجنون الذي يجعلكم تفضّلون آلهةً بالسّماع.. تابعوا القراء من خلال الرابط التالي على منصتنا في جوجل بلس   https://plus.google.com/+HisExcellencyMohammedAhmedAlSuwaidi/posts/APasYaMn2iA     مأساة نيوبي  من كتاب التحوّلات لأوفيد   ها هي نيوبي تتقدّم، يحيط بها موكبٌ حاشدٌ، تلبس ثوباً فريجيّاً بديعاً، مُقصَّباً بالذهب. توقَّفت، جميلةً بقدر ما يسمح الغضب، وهزّت بحركةٍ من رأسها الملكيّ شعرها الذي يتموَّج على كتفيها، ثم أدارت حولها، بشموخٍ، نظراتٍ بهيّةً، وقالت: "ما هذا الجنون الذي يجعلكم تفضّلون آلهةً بالسّماع،  على آلهةٍ ترونهم ? ولماذا تنذر الهياكل لعبادة لاتونا (Latone), بينما لم يقدّم بعد البخور لإلهتي ? أبي، أنا هو تانتالوس (Tantalus),  الذي أُذن له وحده أن يجلسَ إلى مائدة الآلهة. كانت منفيّةً من العالم، عندما رأتها ديلوس وقالت مُشفقةً على هذه المتشرِّدة: "نحن الاثنتان نتشرَّد غريبتين، ـ أنتِ في الأرض، وأنا بين الأمواج." 6  ثم أعطتها مأوى متحرّكاً. صارت لاتونا أمّاً لطفلين. وهذا أقلّ سبع مرّاتٍ ممن حملتهم أحشائي. إنني سعيدة، فمن يستطيع إنكار ذلك ? وسوف أبقى سعيدة. من يقدر كذلك أن يشكّ ? تمنحني الطّمأنينة وفرة خيراتي. فأنا من العظمةِ بحيث لا تقدر ربّة الحظّ أن تؤذيني، وحتى لو انتزعت مني قسماً كبيراً من فضلها، فسوف تترك لي ما هو أعظم. فما أملكه اليوم، يُبقيني عاليةً، أعلى من كلِّ خوف. افترضْنَ أنّ قسماً من أبنائي انتزع منّي، فإنّ هذه الخسارة لن تقلّصني في اثنين، كما هي حال لاتونا. أهناك فرقٌ كبيرٌ بينها وبين امرأةٍ لا أولادَ لها ? لا تُكملنَ هذه التَّضحية، ابتعدنَ بسرعةٍ، وانزعْنَ أوراقَ الغار التي تزيّن شعوركنَّ."   6 منعت جونون، غيرةً، الأرضَ كلّها من أن تستقبل لاتونا، لكي تضع جنينها. وأشفقت عليها ديلوس، التي كانت حتى ذلك الوقت جزيرة عائمة. وهذه الجزيرة التي كانت تُسمّى فريجيا، ثُبِّتت في قرارة البحر، بوساطة أعمدة.   نزعت نساء طيبةَ أوراق الغار، وتركنَ التَّضحيةَ دون أن تكتمل. كلّ ما قدرنَ أن يفعلنه، هو أن يوشوشنَ بصوتٍ خافتٍ  صلواتهنَّ إلى الإلهة. غضبت الإلهة من على ذروة كينثوس (Cynthus), وجَّهت هذه الكلمات إلى ولديها الإثنين: "هي ذي أنا أمُّكما، الفخورة بأنني ولدتكما، أنا التي لا تخضع إلاّ لجونون، بين جميع الإلهات، أرى أنّ ألوهيّتي توضعُ موضعَ الشَّك، وأنني أطرَدُ، يا ولديَّ، إن لم تُنجداني من هياكل كنت فيها مَعبودةً في العصور كلّها. ولا ينحصر ألمي في هذا وحده، فقد أضافت ابنة تانتالوس إلى هذا التَّجديف،  الشَّتيمة. لقد تجرّأت أن تنتقص منكما، أنتما، وتضعكما في مرتبةٍ أدنى من أولادها، وقالت عنّي (لعلّ ما قالته يرتدُّ عليها!) إنني أمٌّ بدون أولاد. لقد بدا لسانها الفاسق جديراً بلسان أبيها." 7  وهمَّت لاتونا أن تضيفَ صلواتٍ إلى ما روته، فقال فيبوس: "يكفي. الشّكوى الطّويلة تؤخِّرُ العقابَ."   7 حُكمَ تانتالوس بعذابٍ أبديّ لأنّه حنث بيمينه.   وقال فيبي (Phébé) الكلامَ نفسه. وانطلق الاثنان بطيرانٍ سريعٍ عِبرَ الفضاء، وهبطا، مُختبئين في غيمةٍ،  على قلعة قدموس. قربَ الأسوار، كان يمتدُّ بعيداً سهلٌ واسعٌ ترتاده الخيولُ باستمرار، صار ترابه ليّناً من كثرة العجلات، ومن السّنابك الصُّلبة. هناك، بين أبناء آمفيون السّبعة، كان بعضهم يمتطي أحصنة سباقٍ قويّةً، يشدّون على جُنوبها ـ المغطّاةِ بأرجوان صور، ويسوسونها بأعنَّةٍ مُثقلةٍ بالذهب. كان أحدهم، إيسمينوس (Isménus), بكرُ أمّه، يُحرِّكُ في ميدان السّباق الدائريّ، حصاناً يسيطر على شدقه المزبد، عندما صرخ: "لقد قُضيَ عليّ!" فقد استقرّ سهمٌ في وسط صدره. تركت يده المُحتضرة الأعنَّة وانزلق ببطءٍ، جانبيّاً، على الكتفِ اليُمنى من حصانه. سمع سيبّيلوس (Sipylus), الذي كان إلى جانبه أصواتَ كنانةٍ في الفضاء، فترك الأعنة هارباً، كما يفعل ربّانٌ أحسّ باقتراب العاصفة عندما يرى غيمةً، فينشر من جميع الجهات أشرعته المطويّة، لكي لا يترك أيّة نسمةٍ خفيفةٍ تضيعُ منه. وعبثاً ترك الأعنّةَ، فقد طارده السّهم المحتوم ونفذ وهو يرتجّ، في أعلى عنقه، وخرج رأسه المعدني ظاهراً من الجهة الثانية. تدحرج على عنق الحصان وقائمتيه وهو ينطلق بسرعته كلّها، ولطّخ الأرضَ بدمه الذي كان لا يزال حارّاً. وبعد أن كان التاعس الحظّ فيديموس (Phédimus)  وأخوه تانتالوس وريث اسم جدَّيهما، قد أنهيا عملهما المعتاد، وعادا، يلمعان من الزّيت، بفعل التمارين الرّياضيّة التي تجمع الشبّان في الميدان الرّياضيّ، وكانا متعانقين بشدّة، عندما اخترقهما سهمٌ، أطلقه وترٌ مشدودٌ، في الوضعيّة التي كانا عليها، متصلين الواحد بالآخر، فكافحا صدراً إلى صدر، انتحبا معاً، ومعاً انحنيا من الوجع، وانهارا على الأرض. معاً، ممدّدين على التراب، وجّها إلى السماء نظراتهما الأخيرة، ومعاً، لفظا أنفاسهما الأخيرة. مزّق ألفينور (Alphénor) صدرَه بضرباتٍ قويّة عندما شاهد ذلك، وسارع لكي يرفع بين ذراعيه أعضاءهما المتثلّجة، فسقط وهو يقوم بهذا الواجب الوَرع. فقد اخترق إله ديلوس بسهمٍ قاتلٍ صدرَه، من جهةٍ إلى أخرى. انتزع الشابّ السّهمَ، غير أنّ جزءاً من رئتيه خرجَ مع نصلهِ وهربَ دمه في الهواء، لحظة هربت حياته. ولم يمت داماسيكتون (Damasichthon) ، ذو الشعر الطّويل، من جرحٍ واحدٍ، فقد أصيبَ أوّلاً حيث تبدأ السّاق، وحيث يشكّل باطن الرّكبة السّريع الانفعال  مفصلاً ليّناً. ثمّ، فيما كانت يده تحاول أن تنتزع السّهمَ المشؤوم، غاصَ سهمٌ آخر حتى الرّيش، في عنقه. دفعه الدّم إلى الخارج، فقد انبجس عالياً جدّاً، وبدفقةٍ مفاجئةٍ، اخترقَ الفضاء بعيداً. أما الأخير إليونوس (Ilioneus)  فقد رفع عبثاً ذراعيه المتوسّلتين نحو السماء، قائلاً: "أيّتها الآلهة، أنتم جميعاً، بقدر ما تُعَدّون (جاهلاً أنّه لا يجوز التوسّل إليهم جميعاً)، أنقذوني." وقد أثر في رامي السّهام الإلهيّ، عندما لم يعد ممكناً ردّ السهم لكن، على الأقلّ، كان الجرح الذي رزح تحته، خفيفاً، ولم ينفذ عميقاً في قلبه. أنبأ الأمّ بهذه الكارثة المفاجئة، ذيوعُ الخبر، وألمُ الشعب، وبكاء الأقرباء. أذهلها أن يكون الآلهة قاموا بها، وغضبت لأنهم تجرّأوا على ذلك، ولأنّ حقوقهم تبلغ هذا الحدّ. أما آمفيون فقد غرز خنجراً في صدره، واضعاً بضربةٍ واحدةٍ، حدّاً لآلامه ولحياته. واأسفاه، كم تختلف، نيوبي، الآن عن نيوبي تلك التي أبعدت الشعب، منذ قليلٍ، عن معابد لاتونا، والتي كانت تتقدّم في المدينة متغطرسةً. كانت آنذاك موضوعَ غيرةٍ عند أقربائها، وهي الآن موضوعَ شفقةٍ حتى عند أعدائها. أخذت، منحنيةً على أجسامِ أبنائها الهامدة، توزّع، بلا تبصُّرٍ، على جميع أبنائها قبلاتِها الأخيرة. ثمّ أبعدت عنهم ذراعيها الكابيتين،  رافعةً إيّاهما نحو السّماء، صارخةً: "تغذّي، يا لاتونا القاسية، من ألمي، تغذي، إروي غليلَ قلبكِ من دموعي، إروي قلبكِ المتوحّش. ومع هذه المآتم السبعة  أموت في المحرقة سبع مرات. استمتعي بانتصاركِ، انتصري، يا عدوّتي. لكن، أين هذا النصر ? حتى في شقائي، ما أزال أغنى منكِ، في سعادتكِ، حتى بعد هذه الخسارة الكبيرة، لا يزال النصر إلى جانبي." سُمعَ في أثناء كلامها دويُّ وترٍ يُشدُّ في القوس، وحدها نيوبي، من بين الجميع، لم ترتجف أبداً، فالشّقاء زادها شجاعةً. كانت تقف أمام أسرَّة الإخوة السّبعة أخواتهم، بثيابٍ سوداء، وشعرٍ مُشعّثٍ. أرادت إحداهنَّ أن تنتزعَ السهمَ المُستقرّ في صدرها فانهارتْ، ميّتةً، منحنيةَ الوجهِ على أخيها. وحاولت أخرى أن تعزّي أمّها التاعسة، فأضاعت فجأة الكلامَ وسقطتْ تحت ضربةٍ طوتها اثنتين على نفسها. وهذه التي كانت تحاول عبثاً أن تهربَ انهارت على الأرض. وتلك تحتضر فوق جسم أختها، وأخرى تختبئ، وترى أخرى تتحرّك مرتجفةً. كانت سِتٌّ منهنَّ قد مُتنَ بجراحٍ مختلفة  ولم يكن بقي منهنّ إلاّ واحدة. غطّتها أمّها بكامل جسمها، وكامل ثيابها، صارخةً: "اتركي واحدة، الصّغرى بينهنّ، لا أطلب إلاّ الصّغرى، إلاّ واحدة." وفيما كانت تتوسّل، ماتت هذه التي تتوسّل من أجلها. وإذ فقدت عائلتها جميعاً ـ أبناءها وبناتِها، وزوجَها، سقطت جالسةً بين أجسامهم الهامدة، يُجمّدها العذاب. لم تعد الرّيح تحرّك شعرها، لم يعد الدّم يلوّن وجهها. وجمدت عيناها وسط وجهها المُقْفر، فلم يعد في قسماتها أيّ أثرٍ للحياة. تجمّد لسانها نفسه داخل حنَكِها المُتجمّد، وتوقَّفت في عروقها كلّ حركة. لم يعد في إمكان عنقها أن يميل، ولم تعد ذراعاها تقومان بأيّة حركة، ولم تعد تستطيع قدماها أن تتقدّما. لم تعد إلاّ حجراً حتى في أحشائها. مع ذلك ظلّت تبكي، أخذتها إلى وطنها، ريحٌ عاصفةٌ حاجبةً إيّاها بزوبعة. هناك، وقد وُضِعت في ذروة جبلٍ، تذوبُ ماءً، واليوم لا تزال هذه الكتلة من الرّخام، 8  تذرف الدّموع.   8 في ليديا صخرة ينبجس منها نبعٌ، كان يُسمّى نيوبي. فقد نقلت نيوبي من طيبة إلى ليديا، قمّة سيبيليوس، حيث كان أبوها ملكاً.   , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,

Related Articles

إيكّو (2) | من كتاب التحوّلات لأوفيد
ميديا وبيلياس (Medea, Pelias) من كتاب التحولات لأوفيد
كان اسمك هيبوليتوس - من كتاب التحوّلات لأوفيد
صورة الربيع (بريمافيرا Primavera)
فينوس على عرشها - للفنان اندريا منتينيا
قدموس وهرمونيا - من كتاب التحوّلات لأوفيد
فينوس ومارس - من كتاب التحوّلات لأوفيد


Visa_MasterCard

Privacy Policy   Cookie Policy   Terms and Conditions