Arabic    

بحيرة تراسيمينو


2020-01-10
اعرض في فيس بوك
التصنيف : مقالات الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي

 
بحيرة "تراسيمينو"
السادس من يناير 2012م
 
ما السرُّ في تلك الأمكنة التّي ما إن نغادرها حتّى تغادرنا، وتلك التي تخطف ألبَابَنا وتظلّ تُنادينا.. تلك الأمكنة التي لا نمنحها إلا ظلّنا العابر، وتلك التي نخلَع عليها بعضاً من روحنا!.
قال جوته: لمّا غادر "بيروجيا" في صباح مجيد: "شعرت بنعمة الخلوة بنفسي من جديد. إنّ موقع البلدة جميل، ومنظر البحيرة ساحر. سأختزن صورهما في البال أبداً". ها نحن نمثل في نهارٍ مشرق للمرّة الثانية أمام منظر البحيرة الساحر، لم نميّز شاعر إنجلترا الكبير "بايرون" في زورقه حتّى سمعنا هدير رفيقه "ستندهال" يقول: "أربعة أو خمسة أيّام من فلورنسا تحتاجها لبلوغ روما بكلفة أربعين أو خمسة وأربعين فرانكاً، أحبّذ طريق بيروجيا على طريق سينّا، بمقدورك زيارة اريتزو التي ما كاد يطرأ عليها جديد منذ عهد دانتي، ثمّ مشاهدة ما يلفّ بحيرة تراسيمينو من جمال". تناولنا وجبة غداء خفيفة في (إلمولو) - قبل ثلاثة أعوام- جلست امرأة مثقلة النهد (شايله مثل شيشات العرق) كما قال "بن لعبون" في ذات المطعم، وراحت تنقر بكعبها الأرض نقراً كسوط عذاب لم يبارح بال صاحبي حتى كاد أن يربط ذكرى الطاولة والمطعم والبحيرة بالكعب.
"تراسيمينو" الأمير ابن الملك التروسكاني والبحيرة ارتبطا إلى الأبد، فعندما حلّ الأمير ليستريح من وعثاء السفر هناك، صادف عقيلة (اجيللا) الحوريّة التي كانت تسكن إحدى جزر البحيرة الثلاث فوقع في غرامها، ولم يفترقا إلى أن وافته المنيّة، فنَعتْهُ زمناً طويلا، وخلعت على البحيرة اسمه. يُحكى أنّه ما إن تداعب النسائم العليلة في ليالي أغسطس من كلّ عام صفحة ماء تلك البحيرة حتى يُسمع نواحها ترجّعه النسمات في انتظار أوبته.
في ربيع عام 217 قبل الميلاد روّع "هانيبال" القرطاجي (القائد التونسي المحنّك) هذه البحيرة بفيلته التي عبر بها جبال الألب، وقضى على الجيش الروماني البالغ عدده ثلاثين ألفا في هزيمة ساحقة خلّدها التاريخ، فلول الجيش الهاربة الذين كانوا يحملون الأغلال ليسلكوا فيها الأسرى الذين كانوا يأملون بيعهم في أسواق روما بيع العبيد ذُبحوا على شواطئ الجزيرة حتى تضرّجت مياه البحيرة بالدماء، وهيمن "هانيبال" على شمال إيطاليا حتّى مُلئت منه روما رعباً.
سأل صاحبي عن أصل كلمة "هانيبال" أو "حنا بعل" فقلت: بَعْلُ هو الإله، وحنّا من حنان أو فضل، كأن تقول اليوم: حنان الله أو فضل الله، أما سمعت قوله تعالى: "وحناناً من لدُنّا".. ما زال الاسم يا صديقي حيّاً في (ميتافور) الأسماء.
 
 
#محمد_أحمد_السويدي
#تراسيمينو
 

 

  بحيرة "تراسيمينو" السادس من يناير 2012م   ما السرُّ في تلك الأمكنة التّي ما إن نغادرها حتّى تغادرنا، وتلك التي تخطف ألبَابَنا وتظلّ تُنادينا.. تلك الأمكنة التي لا نمنحها إلا ظلّنا العابر، وتلك التي نخلَع عليها بعضاً من روحنا!. قال جوته: لمّا غادر "بيروجيا" في صباح مجيد: "شعرت بنعمة الخلوة بنفسي من جديد. إنّ موقع البلدة جميل، ومنظر البحيرة ساحر. سأختزن صورهما في البال أبداً". ها نحن نمثل في نهارٍ مشرق للمرّة الثانية أمام منظر البحيرة الساحر، لم نميّز شاعر إنجلترا الكبير "بايرون" في زورقه حتّى سمعنا هدير رفيقه "ستندهال" يقول: "أربعة أو خمسة أيّام من فلورنسا تحتاجها لبلوغ روما بكلفة أربعين أو خمسة وأربعين فرانكاً، أحبّذ طريق بيروجيا على طريق سينّا، بمقدورك زيارة اريتزو التي ما كاد يطرأ عليها جديد منذ عهد دانتي، ثمّ مشاهدة ما يلفّ بحيرة تراسيمينو من جمال". تناولنا وجبة غداء خفيفة في (إلمولو) - قبل ثلاثة أعوام- جلست امرأة مثقلة النهد (شايله مثل شيشات العرق) كما قال "بن لعبون" في ذات المطعم، وراحت تنقر بكعبها الأرض نقراً كسوط عذاب لم يبارح بال صاحبي حتى كاد أن يربط ذكرى الطاولة والمطعم والبحيرة بالكعب. "تراسيمينو" الأمير ابن الملك التروسكاني والبحيرة ارتبطا إلى الأبد، فعندما حلّ الأمير ليستريح من وعثاء السفر هناك، صادف عقيلة (اجيللا) الحوريّة التي كانت تسكن إحدى جزر البحيرة الثلاث فوقع في غرامها، ولم يفترقا إلى أن وافته المنيّة، فنَعتْهُ زمناً طويلا، وخلعت على البحيرة اسمه. يُحكى أنّه ما إن تداعب النسائم العليلة في ليالي أغسطس من كلّ عام صفحة ماء تلك البحيرة حتى يُسمع نواحها ترجّعه النسمات في انتظار أوبته. في ربيع عام 217 قبل الميلاد روّع "هانيبال" القرطاجي (القائد التونسي المحنّك) هذه البحيرة بفيلته التي عبر بها جبال الألب، وقضى على الجيش الروماني البالغ عدده ثلاثين ألفا في هزيمة ساحقة خلّدها التاريخ، فلول الجيش الهاربة الذين كانوا يحملون الأغلال ليسلكوا فيها الأسرى الذين كانوا يأملون بيعهم في أسواق روما بيع العبيد ذُبحوا على شواطئ الجزيرة حتى تضرّجت مياه البحيرة بالدماء، وهيمن "هانيبال" على شمال إيطاليا حتّى مُلئت منه روما رعباً. سأل صاحبي عن أصل كلمة "هانيبال" أو "حنا بعل" فقلت: بَعْلُ هو الإله، وحنّا من حنان أو فضل، كأن تقول اليوم: حنان الله أو فضل الله، أما سمعت قوله تعالى: "وحناناً من لدُنّا".. ما زال الاسم يا صديقي حيّاً في (ميتافور) الأسماء.     #محمد_أحمد_السويدي #تراسيمينو     , Electronic Village, His excellency mohammed ahmed khalifa al suwaidi, Arabic Poetry, Arabic Knowledge, arabic articles, astrology, science museum, art museum,goethe museum, alwaraq, arab poet, arabic poems, Arabic Books,Arabic Quiz, القرية الإلكترونية , محمد أحمد خليفة السويدي , محمد أحمد السويدي , محمد السويدي , محمد سويدي , mohammed al suwaidi, mohammed al sowaidi,mohammed suwaidi, mohammed sowaidi, mohammad alsuwaidi, mohammad alsowaidi, mohammed ahmed alsuwaidi, محمد السويدي , محمد أحمد السويدي , muhammed alsuwaidi,muhammed suwaidi,,

Related Articles

Marcel Proust lived here
أضخم جنازة رسمية وعسكرية في باريس تحية لمارسيل بروست وزمنه
جسر فوق مياه مضطربة - من اليوميات الإمريكية
المهدي المنتظر
السيمفونية 40
"محمد علي، ورنينُ الطفولة"
بسملة


Visa_MasterCard

Privacy Policy   Cookie Policy   Terms and Conditions